العامل الحاسم في تحقيق التميز المؤسسي بمؤسسات المجتمع الأهلي
الإثنين 1-5-2023
بقلم : د. وليد سيد مسئول أول وحدة بناء قدرات المنظمات الاهلية بمؤسسة مصر الخير
أصبحت قضية تحسين أداء مؤسسات المجتمع الأهلي من القضايا التي أخذت حيزا واسعا واهتماما كبيرا في المجتمع في الآونة الأخيرة بسبب ما تقوم به هذه المؤسسات من تقديم خدمات وأنشطة إلى فئات كبيرة من أفراد المجتمع تعجز عنها الأجهزة والهيئات الحكومية بمفردها وبسبب ما توفره من خدمات وبرامج متنوعة.
وقد أصبح لموضوع التميز المؤسسي في ظل المنافسة الشديدة والتغيرات والتحولات العالمية أهمية بالغة لأي مؤسسة، فإذا كانت للمؤسسة لغة تتحدث بها اليوم فهي بلا شك لغة التميز حيث أصبح هو الشاغل الأول والأخير للمؤسسات، ونتيجة لذلك نجد كافة المؤسسات تحرص على القيام بأعمالها وأنشطتها المختلفة بمستوى عال من الكفاءة.
ويعد مفهوم التميز المؤسسي من المفاهيم الإدارية الحديثة، ومن أكثر المواضيع أهمية في مجال الإدارة، وهو حالة من الإبداع والتفوق المؤسسي، التي تحقق مستويات غير عادية من الأداء والتنفيذ للعمليات الإنتاجية والتسويقية وغيرها في المؤسسة، بما ينتج عنه من إنجازات يفوق ما يحققه المنافسون، ويرضي المستفيدين، وهو أحد أهداف المؤسسات التي تسعى إلى البقاء والنمو في ظل التطورات والتغيرات الهائلة والتقدم التكنولوجي وزيادة التنافسية.
ويعتبر العنصر البشري من أهم العناصر المؤثرة في التميز المؤسسي، مما يجعل الاهتمام به وتنمية قدراته أولوية لدى مؤسسات المجتمع الأهلي، فهو عقل المؤسسة ورأسمالها الفعلي المنتج للتغيير والذراع الفاعل لإنجاز الأعمال بكفاءة وفعالية، كذلك هو الوسيلة والغاية، تستخدمه المؤسسات لتحقيق أهدافها وتمكنه من إشباع رغباته وتحقيق تطلعاته، فهي عملية تبادلية بين المورد البشري والمؤسسة ، ومن هنا أخذت المؤسسات على عاتقها إدارة المسار الوظيفي للعاملين لديها وتهيئتهم وتنمية قدراتهم لإطلاق العنان لملكاتهم لتحقيق الإبداع والابتكار، وذلك على اعتبار أن الموارد البشرية هي المفعل والمحرك لجميع الموارد الأخرى، والمعظم لقيمها، وهو بحد ذاته قيمة مضافة يحدث فارق إيجابي في العمل.
ويحتل موضوع رأس المال البشري أهمية خاصة، في ظروف التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، باعتباره يمثل حجر الأساس في كل تنمية أو تطور، ولكونه الموجه والمسيطر على رأس المال المادي، فالبشر هم الثروة الحقيقية لأية مؤسسة، ولا شك أن حسن استخدام القوة البشرية وتمكينها يكون له أكبر الأثر في تعظيم الإنتاج وإحداث التقدم، إن الموارد الطبيعية والأموال المتوفرة لدولة ما رغم أهميتها لا يغنيان أبداً عن العنصر البشري الكفء والماهر ، فالأموال والموارد الطبيعية لا ينتجان منتجاً بذاتهما ، فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على الإبداع والابتكار والتطوير يمكنه أن يتغلب حتى على الموارد الطبيعية ، وألا يجعلها عائقاً نحو النمو والتقدم عن طريق الاستغلال الأفضل إن لم يكن الأمثل لطاقات المجتمع العلمية والإنتاجية.
وبالتالي يجب على مؤسسات المجتمع الأهلي أن تتبنى مفهوم التمكين الوظيفي للعاملين لديها، والذي يعتمد بشكل أساسي على توطيد العلاقة بين الإدارة والعاملين من خلال إتباع عدة أساليب أو عناصر مثل ; تفويض الصلاحيات للعاملين وتحفيزهم وتدريبهم وتفعيل مشاركتهم في اتخاذ القرار وتحقيق الاتصال الفعال بين إدارة المنظمة وبين العاملين فيها، لمؤسسات المجتمع الأهلي أهداف رئيسية تسعى لتحقيقها من وراء تطبيقها لمفهوم التمكين الوظيفي، والتي تتجلي بتقديم الخدمات للمستفيدين بأعلى مستوي ممكن من الجودة وأيضا مساعدتها على البقاء والاستمرارية ، ولعل من أهم الأهداف التي تسعى مؤسسات المجتمع الأهلي الي تحقيقه هو التميز المؤسسي، وذلك كون هذا الهدف يشمل جميع أهداف المؤسسة، ويحقق لها الريادة والتميز عن غيرها من المؤسسات.