المركز الإعلامي - المقالات


                                                                                        article image

دور المنظمات الأهلية في دعم سياسات الحماية الاجتماعية

إعداد

د. صلاح هاشم

أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم / مستشار وزارة التضامن للسياسات الاجتماعية سابقاً

 

مقدمة

يعد الفقر أحد أضلاع المثلث الحديدي الشهير للتخلف - الفقر والجهل والمرض – الذى يعصر مجتمعات بأكملها داخله ولا يجد الناس من دونه فكاكاً كمصطلح، مثلما يثير شجوناً في النفس وصوراً من الذاكرة وخبرات، قد يثير أيضاً ارتباكاً في المعالجة السوسيولوجية بسبب سطوة دلالته الاقتصادية التي تنطلق في ذهن المستمع فور تلقى أذنه لفونيمات المصطلح، وربما كان انتشار مصطلح الفقر في الأدبيات الاقتصادية بوصفه أحد طرفي معادلة (الغنى / الفقر ) كان السبب وراء ذلك نتيجة التقنين الاقتصادي له بالكيفية التي جعلته بداهية اقتصادية تطرح معانى العوز المادي والحرمان ونقص الموارد الاقتصادية.

غير أنه تسود في الأدبيات الحديثة ذات العلاقة بموضوع الفقر مفاهيم عديدة آخري، فالفقراء هم أولئك الذين ليس بمقدورهم الحصول على سلة السلع الأساسية التي تتكون من الغذاء والملبس والمسكن، إضافة إلى الحد الأدنى من الاحتياجات الأخرى مثل الرعاية الصحية والمواصلات والتعليم، وتشير مفاهيم أخرى متعلقة بالفقر وبرامج وسياسات مكافحته إلى الفقر المطلق، والفقر النسبي، حيث يعطي المفهوم الأول حداً معيناً من الدخل، وتعتبر الأسرة فقيرة إذا قل دخلها عن هذا الحد، في حين يشير الفقر النسبي إلى الحالة التي يكون فيها دخل الأسرة أقل بنسبة معينة من متوسط الدخل في البلد، وبالتالي تتم المقارنة في هذه الحالة بين فئات المجتمع المختلفة من حيث مستويات المعيشة.

من جهة أخرى تركز بعض مفاهيم الفقر على أشكال مختلفة من الحرمان، وتشمل أشكال الحرمان الفسيولوجية والاجتماعية، أما الأولى فتتمثل في انخفاض الدخل (أو انعدامه) والغذاء والملبس والمسكن، ومن هنا فهي تشمل فقراء الدخل وفقراء الحاجات الأساسية، أما الحرمان الاجتماعي فهو مرتبط بالتباينات الهيكلية المختلفة كالائتمان، الأرض، البنى التحتية المختلفة، وحتى الأملاك العامة (المشتركة)، إضافة إلى عدم تمكن "الفقراء" من الاستفادة من الأصول الاجتماعية كالخدمات الصحية والتعليمية.

ويمكن تعريف الفقر لغةً بالنقص والحاجة، فالفرد لا يكون فقيراً إلى شيء ما إلا إذا كان في حاجة إليه لعدم توفره أو نقصانه دون الحاجة، وبشكل عام يمكن التمييز بين ثلاثة معاني للفقر وهي:

-المعنى الأول: «الفقر الاجتماعي» وهو لا يعني فقط اختلال المساواة الاقتصادية الناتجة عن نقص الدخل والممتلكات وانخفاض مستوى المعيشة، وإنما يشمل أيضا اختلال المساواة الاجتماعية والدونية الاعتمادية والشعور بالنقص والاستغلال، وهنا يكون الفقر نسبياً لا يوضح مستوى معين من الدخل أو حجم الملكية.

- المعنى الثاني: «العوز والحاجة» ويقصد به فئة من الناس غير قادرين على تأكيد وجودهم على المستوى التقليدي الذي يعتبر أدنى مستوى دون أي مساعدات خارجية في أي وقت من الأوقات، فهو يحدد المستوى الأدنى الذي يؤدي بالإنسان إلى الهاوية كما يحدد نموذجاً للعلاقات الاجتماعية التي تشير إلى من هم المحتاجين الذين يطلبون المساعدة ومن الذي يساعدهم...؟ وتميز المجتمعات بين أشكال ذوي الحاجة الذين يستحقون المساعدة.

-المعنى الثالث: فقر القدرات أو الفقر البشرى حيث يصف نقصاً في قدرات بعض الناس في قدراتهم في الحصول على والتمتع بالتغذية الجيدة والصحة والتعليم والحياة الكريمة، ويحدث هذا النوع حينما تنعدم أو تضعف الإمكانات التي تقوم الدولة بتوفيرها للمواطنين وتتمثل أساساً في السلع الاجتماعية العامة أي الخدمات والتسهيلات الأخرى المقدمة والتي تقوم الدولة بواسطتها بتوفير الأصول غير المادية التي تتمثل في الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وغيرها من حقوق المواطنة، وبذلك يعبر هذا المعنى عن عدم التكافؤ وعدالة التوزيع.

وبإيجاز يمكن القول إن الفقر لا يعبر فقط عن عجز الإنسان عن إشباع حاجاته البيولوجية كما يقرر رجال الفكر الاقتصادي، بل يعني كذلك عجز البناء الاجتماعي عن توفير مستلزمات الإنسان المادية والمعنوية وتأثير ذلك على عمليات الاندماج والعلاقات الاجتماعية وتكوين شخصية الفرد في المجتمع وتشكيل قيمته وثقافته بل تحديد دوره ووزنه السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

فالفقر يجب أن يُنظر إليه على أنه «حالة يعجز فيها الإنسان بسبب مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية عن تلبية حاجاته المادية والمعنوية في ظل نظام اجتماعي وثقافي محدد».

ويحمل الفقر معاني مختلفة باختلاف رؤى الباحثين، منها ما هو مادي أو اجتماعي أو ثقافي، ولذلك فالفقر ظاهرة مركبة تجمع بين أبعادها ما هو موضوعي (كالدخل والملكية والمهنة والوضع الطبقي) وما هو ذاتي (أسلوب الحياة ونمط الإنفاق والاستهلاك وأشكال الوعي والثقافة).

ويُعرف الفقر في قواميس علم الاجتماع بأنه مستوى معيشي منخفض لا يفي بالاحتياجات الصحية والمعنوية والمتصلة بالاحترام الذاتي لفرد أو مجموعة من الأفراد. (وينظر المفهوم نظرة نسبية نظراً لارتباطه بمستوى المعيشة العام في المجتمع وبتوزيع الثروة ونسق المكانة والتوقيعات الاجتماعية)، هذا ويعرف خط الفقر عادة بأنه الحالة التي يكون الفرد فيها عاجزاً عن الوفاء بتوفير متطلبات الغذاء، الملبس، والمأوى الضروري لنفسه.

وهكذا يعد الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد يمكن التعبير عنها من خلال مفهومين للفقراء هما:

فقر الدخل (الذي ينصرف إلى عدم كفاية الموارد لتأمين الحد الأدنى لمستوى المعيشة المناسب اجتماعياً).

فقر القدرة (الذي ينحرف إلى تدني مستوى قدرات الإنسان إلى حد يمنعه من المشاركة في عملية التنمية).

ومن هنا يتبين لنا أن مضمون الفقر لا يرتبط فقط بالحرمان والعوز المادي فقط وإنما هو ظاهرة مركبة تتضمن معايير متعددة. ويرى بعض الباحثين عدم وجود تعريف موحد للفقر يلقى إجماعاً معتمداً في الأدبيات المختصة بتعريف الفقراء أو تحديد خط الفقر، وذلك كون الحرمان المادي يمكن قياسه بسهولة (بطالة، ازدحام سكاني … إلخ)، في حين أن الحرمان الاجتماعي، خصوصاً في الجوانب المتعلقة بغياب أو تدني المشاركة في الأعراف والمناسبات الاجتماعية للفرد في المجتمع، وهذه أمور يصعب قياسها بدقة، وتحتاج إلى مقاييس أخرى تتطلب أشكالاً مختلفة من البحث الميداني.

1)    الحماية الاجتماعية: المفهوم والأسس والأرضيات

وزارة التضامن المصرية قد كان لها رؤية مغايرة لمفهوم الحماية الاجتماعية ... خاصة وأنها منذ عام 1939 تقريبا - وهو العام الذي شهد إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية المصرية- وهي تستخدم مصطلح الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى استخدامها لمصطلح الضمان الاجتماعي..

وحين بدأ مصطلح الحماية الاجتماعية يلوح في أفق المنظمات الدولية الممولة وخاصة بعد 2011م بدأت وزارة التضامن في استخدام المصطلح.. بل وبدأت الدولة المصرية تستخدم مصطلح شبكات الحماية الاجتماعية.. وحصرت الوزارة مفهوم الحماية الاجتماعية في " جملة البرامج التي تقدم مساعدات مادية مؤقتة للأسر محدودة الدخل".. بينما ربطت مفهوم الرعاية الاجتماعية بالمنظمات التي ترعى الأطفال وأيتام والأحداث والفئات المستحقة للضمان الاجتماعي الذين يحصلون على معاش شهري لظروف طارئة أو مستديمة كأسر المرضى والسجناء والمجندين والأسر التي بدون عائل وليس لها دخل ثابت.

وبرغم هذه الاختلافات الحادثة بين الأكاديميين والباحثين من ناحية، وبين وزارة التضامن الاجتماعي ومؤسساتها من ناحية أخرى.. إلا أن المنظمات الدولية قد تبنت مفهوما مغيارا تماما سواء عما تبنيناه أو اختلفنا عليه في مصر.. فالأمم المتحدة مثلاً عرفت الحماية الاجتماعية على أنها مصطلحاً مرادفا تماما لمصطلح الضمان الاجتماعي.. وترى أنه إذا كان الضمان الاجتماعي ذاته يعد حقا من حقوق الإنسان - حسب ما ورد في الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان وحسب ترادف المصطلحين في عقيدة الأمم المتحدة - فقد اعتبرت الحماية الاجتماعية حق من حقوق الإنسان. وأضافت مصطلحا إلى أدبيات العمل الاجتماعي مصطلحاً جديدا هو " أرضيات الحماية الاجتماعية " وقصدت به جملة التشريعات التي تستهدف الحد من الفقر وتأمين عدم الوقوع فيه. وهو مصطلح لم يتم تداوله حتى الأن في ادبيتنا البحثية في مصر أو حتى عربياً. ولم يلق المفهوم اهتماما ملحوظا من صانعي السياسات في حكومات دول العالم الثالث.

أما منظمة العمل الدولية والتي تعد من أولى المنظمات الدولية التي استخدمت مفهوم الحماية الاجتماعية. فقد استخدمت مصطلح الحماية الاجتماعية للإشارة إلى تأمين وضعية العمال الاجتماعية، ولا سيما العاملين في الوظائف والأعمال والمهن الهشة ...!

الحماية الاجتماعية هي مفهوم أعم وأشمل من كل هذه المصطلحات.. فهو مصطلح طبقي له معنى واسع ومعنى ضيق والاتساع والتضييق مرتبط بالموارد المتاحة لتحقيق أهداف الحماية الاجتماعية.

إذا كانت الرعاية الاجتماعية تستهدف تقليص أعداد الفقراء وتستهدف الحفاظ عليهم في وضعية الفقر دون تحسن ملموس في معيشتهم ودون تراجع.. فإن الحماية الاجتماعية تستهدف تثبيت نسبة الفقر عند 20% من السكان والعمل على زيادة نسبة الأغنياء، ثم زيادة مساحة الطبقة الوسطى في الهرم الاجتماعي.. وتنطلق من فلسفة مفادها أن زيادة أعداد الأغنياء وأبناء الطبقة الوسطى سوف يؤدى حتماً إلى تراجع أعداد الفقراء.

وعادة ما تتبع الحكومات في الدول المتقدمة سياسات الحماية التي تتضمن المعنى الواسع للحماية الاجتماعية وهو المعنى الذي يقدم الدعم الكامل لكل طبقات المجتمع حتى لا تتسع رقعة الفقر وتصيب السواد الأعظم من سكانها.. ومن ثم تُبنى سياساتها في ضوء هذا المفهوم وعليه تؤسس برامج مواجهة الفقر.. والمواجهة وفق هذا المفهوم لا تعنى الحد من الفقر بقدر ما تعنى زيادة معدل الغنى.. وان معظم مساعداتها مشروطة بالتعليم والرعاية الصحية والمشاركة في الانتاج. لتستهدف في النهاية الوصول بمحدودي الدخل إلى المرحلة التي يصبحوا فيها قادرين على الاعتماد على النفس. ويصبح تراجع معدل مخصصات الدعم النقدي عاما بعد الأخر مؤشرا مهما على نجاح سياسات الحماية الاجتماعية وتعافى الفقراء من أزمة الفقر.

أما الحكومات في الدول الفقيرة فعادة ما تميل إلى تبنى المفهوم الضيق، بل والضيق جدا لمفهوم الحماية الاجتماعية، والذي يمكن اختزاله في المفهوم التقليدي لمصطلح الرعاية الاجتماعية ولا تتجاوز أنشطتها سوى مساعدات بسيطة جدا لا تشبع أكثر من 30 % من احتياجات الفقراء، بالإضافة إلى بعض الأنشطة المتعلقة بالحلقة الضعيفة في النسيج البشرى كالمرأة والطفل والمعاق والُمِسن.. والتي عادة ما تكون أنشطة تثقيفية.!

وعموما يبدو أن الاختلاف حول المفهوم بين الأكاديميين والميدانين وصناع القرار تسبب إلى حد كبير في عدم وضع سياسات للحماية الاجتماعية واضحة المعالم.. مما تسبب في عدم تكامل برامج الحماية الاجتماعية التي تمارس داخل القطاعات المختلفة وربما داخل القطاع الخدمي الواحد.. مما يعد اهداراً حقيقياً لجهد الدول ومواردها.. ولعل هذا ما يدعونا إلى مطالبة الحكومات في المجتمعات الفقيرة بتبني مفهوماً واضحاً للحماية الاجتماعية، يحاكى المفهوم العالمي المتفق عليه.. وعليه يتم وضع سياسات للحماية الاجتماعية تلتزم كل مؤسسات الدولة بتنفيذها.. من خلال برامج تكاملية تستهدف طبقات المجتمع المختلفة.. كل حسب حاجته.. وكل حسب طاقته ..!

2) الحماية والرعاية والتنمية: ثلاثة مفاهيم على طريق التنمية الشاملة

وهنا توضيح التكامل بين مفاهيم الحماية الاجتماعية والرعاية الاجتماعية والتنمية من خلال المؤشرات التالية:

2/1 الحماية:

تحقيق الحد الأدنى من أمن الدخل الأساسي في شكل دعم نقدي ويشمل الأسر الفقيرة والمسنين وذوي الإعاقة والأيتام والعاطلين عن العمل، بالإضافة إلى الحماية التأمينية كجزء لا يتجزأ من الحماية الاجتماعية.

المساهمة في تأمين الخدمات الاجتماعية الأساسية ذات الصلة بالرعاية الصحية والتعليمية والخدمات العامة الأساسية والتحقق من توفير الأمن الغذائي والسكنى الملائم.

الإدماج الاجتماعي عن طريق التشغيل وإتاحة فرص توليد دخل والتي تتطلب جهود إعداد وتأهيل الكوادر الشابة وتحفيز القطاع الأهلي والقطاع الخاص على دعم قطاع الأعمال لاستيعاب العديد من العمالة بما يعزز من دخول الأفراد من جهة وزيادة حجم الناتج المحلى من جهة أخرى.

2/2 الرعاية:

نظام إدارة حالة مفعل يربط بين خدمات الرعاية الاجتماعية فيما بينها وكذلك خدمات الحماية الاجتماعية.

كوادر ذات كفاءة عالية ومؤهلة لتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية طبقا لمعايير الجودة المعتمدة.

نظام متابعة وتقييم مُطور ومُطبق بقطاع الرعاية الاجتماعية على مستوى الديوان العام والمديريات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي.

نظام شكاوى مُفعل لجميع خدمات قطاع الرعاية الاجتماعية على مستوى الديوان العام والمديريات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي.

3/2 التنمية:

رفع قدرات ومهارات العاملين في مجال التنمية وحتى يمكن أداء الخدمة بكفاءة عالية.

توسعة البرامج المحفزة لزيادة دخول المرأة المعيلة وبرامج تسهم فى رعاية الأطفال ومنعهم من التسرب من التعليم.

توفير اعتمادات إضافية لمراكز التدريب ومشروعات التنمية من خلال مشاركات مع جهات متعددة.

ميكنة الخدمات ذات الصلة بالصناعات الحرفية لتسهيل سبل التواصل والتسويق.

تحـفيز المنظمات الأهـلية والقطاع الخاص للقيام بالــدور الاجتماعي والمساندة لتفعيل وزيادة الخدمات للمجتمع والأفراد.

التوسع في عمليات الإقراض متناهي الصغر بغرض إقامة المشروعات لمواجهة ظاهرة البطالة.

عقد الشراكات مع الجهـــات الخارجية والـداخلية لزيادة المعـارف وتعزيز المهارات بما يحقق برامج التنمية.

3) الحماية الاجتماعية والعمل الأهلي التنموي (علاقة التكامل والتأثير)

في إطار أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 التي أُطلِقَت عام 2015، فإن المنظمات الأهلية بمختلف أنشطتها ومجالات عملها تعد شريكًا رئيسًا في وضع وتنفيذ خطط التنمية المستدامة، وتنظيم المشاركة المجتمعية في تنفيذها وتقويمها، كما أن المنظمات الأهلية تُعد أداة للتواصل بين المواطنين ومتخذي القرار، بما يضمن حوارًا مجتمعيًّا حقيقيًّا مع المواطنين على المستوى المحلي، ليحقق بناء الوعي والقناعة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة، والتي يأتي من بين أبرز أهدافها الحد من الفقر وتوفير مظلة للحماية الاجتماعية للمواطنين. ووفقاً لطبيعة ومجالات عمل المنظمات الأهلية، نجد أنها تشمل:

مجالات الرعاية: مثل رعاية الطفولة والأمومة - رعاية الأسرة - المساعدات الاجتماعية - رعاية الشيخوخة - رعاية الفئات الخاصة والمعوقين - رعاية المسجونين - تنظيم الأسرة - أرباب المعاشات - حقوق الإنسان.

المجالات الثقافية: كالخدمات الثقافية والعلمية والدينية - والأنشطة الأدبية.

المجالات التنموية: كتنمية المجتمعات المحلية - التنظيم والإدارة - التنمية الاقتصادية للأسرة وتنمية الدخل - حماية المستهلك.

مجال حماية البيئة والحفاظ عليها.

مجال حقوق الإنسان وبناء الوعي التنموي.

وفي سياقات عمل المنظمات الأهلية نجد أنها تعمل وفي السنوات الأخيرة وبالشراكة مع كافة أجهزة مختلف الدول الحكومية على الإسهام في خلق مجتمعات قادرة على المشاركة من أجل تحقيق التنمية المستدامة التي تكفل للأجيال القادمة حقها في عوائد التنمية، وتحقق لها أمنها الغذائي ورفاهيتها وسعادتها من خلال عملية تشاركية بين تهدف ليس فقط لزيادة الناتج المحلي بل لتمكين المواطن من توسيع نطاق خياراته، وتطوير قدراته، وتحسين جودة حياته، وتعظيم منفعته ورفاهيته الاقتصادية والارتقاء بمستواه الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.

 

وسعيًّا من مختلف الدول لتخفيف الأعباء عن كاهل مواطنيها وتوفير شبكة أمان اجتماعي لها، لاسيما في ظل التحديات والأزمات العالمية المتتالية وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، تقوم بجهود كبيرة في نطاقات الحد من الفقر وتوفير أنظمة الحماية الاجتماعية لدعم استقرار الفئات الأكثر احتياجاً ماديًّا واجتماعيًّا من خلال مجموعة من البرامج والمبادرات التي تتشابك في تنفيذها وبقوة المنظمات الأهلية، إدراكًا من تلك الدول بأنه حجر الزاوية لتحقيق التنمية المنشودة داخل مجتمعاتها لم يعد يقتصر فقط على أجهزة الدولة الحكومية، بل ينبغي أن يتشارك فيه كافة مؤسسات القطاع الثالث وعلى الرأس منها بلا أدنى شك المنظمات الأهلية.

 

فالدول التي تسعى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في السنوات الأخيرة باتت تؤمن بأهمية المنظمات الأهلية كفاعل رئيسي وركيزة قوية لتدعيم جهودها في الحماية الاجتماعية والحد من الفقر، ولا سيما بعد نجاحها في القيام بدور أساسي على المستويات القاعدية للمجتمع، فضلاً عن نجاحها في التواصل مع قطاعات واسعة من بسطاء الناس في الكثير من المدن الصغيرة والمراكز والتجمعات المستهدفة.

ومن هنا ينبغي أن تشرع كافة الدول التي ترجو لمواطنيها تنمية ورخاء في توحيد جهود المنظمات الأهلية والتي تعمل بداخلها تحت مظلة واحدة، لتصبح بمثابة الركيزة الأساسية في مسيرة تنميتها الشاملة، ونموذج ناجح لتكامل جهودها في الحد من الفقر، بما يضمن تشبيك الجهود والتوجيه الأمثل للموارد وتنفيذ الأولويات الهادفة إلى الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، خاصة في المجتمعات الريفية والمناطق النائية، من خلال وضع إطار عمل مشترك مع المنظمات الأهلية للحد من الفقر وخلق حياة كريمة لمواطنيها من خلال خطط عمل تشاركية بمنهجية واضحة تدعم جهود الدولة في الحماية الاجتماعية والحد من الفقر، ويتمثل دور المنظمات الأهلية في تعزيز جهود الحماية الاجتماعية فيما يلي:

توفير سبل الدعم المادي للأسر الأكثر احتياجاً، ومساندة الحكومات في تخفيف الأعباء عن المواطنين وتلبية احتياجاتهم بعد حصرها.

كما يمكن أن تؤدى المنظمات الأهلية دوراً مهماً ومؤثراً في مساندة جهود الأجهزة الحكومية في دعم الفئات المستهدفة من المواطنين والأكثر احتياجاً، والمتمثلة في تقديم الدعم العيني بأشكال المساعدات الاجتماعية المختلفة للفئات الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية.

وكذلك يمكن أن تقوم المنظمات الأهلية بتوفير التمويل اللازم لمشروعات التمكين الاقتصادي وغيرها من المشروعات التي يمكن أن تعين تلك الفئات وغيرها على الحياة.

فضلاً عن إطلاق مجموعة من المبادرات الدورية لتقديم الدعم للفئات فى مختلف مجالات التنمية على تنوعها من خدمية وصحية وتوعوية، وتعليمية، وعمرانية، وكذا تقديم الدعم للفئات الأولى بالرعاية والأكثر استحقاقا.

وإجمالا يجدر التأكيد على أن جهود المنظمات الأهلية التي يمكن أن تؤديها في مجالات الحماية الاجتماعية تتنوع وفقاً لاحتياجات وأهداف الخطط التنموية التي تتبناها الدولة لتشمل الدعم النقدي والغذائي والإمداد بالمستلزمات الحياتية الضرورية، كما يمكن أن تشمل تقديم الدعم العيني بأشكال المساعدات الاجتماعية المختلفة للفئات الأكثر احتياجا.

وفي ختام هذا المقال يجب أن نؤكد على أن جهود المنظمات الأهلية في الحد من الفقر في مختلف المجتمعات ترتكز على محورين أساسيين هما:

التعبئة العامة والحشد الجماهيري نحو قضايا التنمية.

المشاركة في تنفيذ خطط الدولة من خلال مجموعة من التدخلات يأتي من بين أبرزها:

-التنمية المجتمعية للمناطق الفقيرة والنائية.

-التدخل الرعائي الخدمي.

-توفير برامج التمكين الاقتصادي.

-دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.