المركز الإعلامي - المقالات


                                                                                        article image

المنظمات الأهلية المصرية: قوة ناعمة يمكن ان تصنع التأثير الإقليمي والدولي:

بقلم/ د.محمد ممدوح عبدالله 

رئيس قطاع تطوير الجمعيات الأهلية بمؤسسة مصر الخير 

 

لم تعد القوة في العلاقات الدولية تقاس فقط بالعتاد العسكري أو الثقل الاقتصادي، بل أصبحت القوة الناعمة، بمكوناتها الثقافية والحضارية والإنسانية، هي العملة الأكثر رواجا في عالم اليوم وفي هذا المضمار، تبرز المنظمات الاهلية كأحد أهم أدوات هذه القوة، وأكثرها فاعلية في تشكيل الصورة الذهنية للدول والتأثير في القرارات داخل المحافل الدولية والمنظمات الاهلية المصرية، بتراثها العريق وتنوعها الكبير ووجودها في بيئة محورية كالشرق الأوسط، ليس فقط مؤهلة للعب هذا الدور، بل إن تعظيم هذا الدور أصبح ضرورة استراتيجية لاستعادة مصر لمكانتها الإقليمية والدولية، مستندة إلى تاريخها وموقعها وحالة النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها.

 

فالمنظمات الأهلية، بتجاوزها للحدود السياسية والبيروقراطية الرسمية، تمتلك مرونة ومصداقية تمكنها من الوصول إلى دوائر صنع القرار الدولية بطرق قد لا تتوفر للحكومات إنها قادرة على تقديم الرواية المصرية الأصيلة، والترويج للنموذج المصري في التنمية المستدامة والتعايش السلمي، والدفاع عن قضاياها الوطنية من خلال لغة إنسانية وعلمية مقنعة .هذا الدور لا ينفصل بأي حال عن الدور التنموي الداخلي الذي تقوم به تلك المنظمات، بل هو امتداد طبيعي له فالعمل على محو الفقر أو تمكين المرأة أو حماية البيئة محليا يخلق سجلا حافلاً من الإنجازات يمكن تقديمه كنموذج ناجح على المنصة الدولية، مما يعزز موقف الدولة الدبلوماسي ويخدم أجندتها الوطنية.

 

ولنا في تجارب الآخرين عبرة ودليل فمنظمات مثل "أطباء بلا حدود" الفرنسية أو "الصليب الأحمر" الدولي شكلت ضميرا إنسانيا عالميا وأثرت في سياسات المساعدات الدولية وإقليميا، استطاعت منظمات من دول صغيرة نسبياً، مثل قطر وتركيا، من خلال شبكة نشطة من المؤسسات الخيرية والبحثية، تحقيق حضور مؤثر في المشهد الإقليمي والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا يلعب المجتمع المدني المصري، الغني بتجاربه وتنوعه، دوراً مماثلاً أو أكبر؟

 

و تاتي  "وثيقة الرؤية المجتمعية لتنمية وتطوير قطاع المنظمات الأهلية في مصر" والتي أطلقها المركز العربي لاستدامة العمل الاهلي في مايو 2025 والتي تم الوصول لها  عبر  الحوار المجتمعي داخل قطاع المنظمات الاهلية في مصر لتؤكد علي ذلك التوجه حيث تمثل الوثيقة نقلة نوعية في التعاطي مع هذا الملف حيث خصصت  المحور الاستراتيجي الثالث بالكامل لـ "تعظيم الدور الإقليمي والدولي للمنظمات الأهلية" هذا التوجه  يخلق بيئة خصبة للمنظمات المصرية للتحول من العمل المحلي إلى الفضاءين الإقليمي والدولي ويمكن تحقيق ذلك من خلال آليات محددة، أبرزها إنشاء منظمات مصرية دولية متخصصة في مجالات مثل إدارة المياه وحوار الأديان ومكافحة الإرهاب، وهي مجالات تتصدر أولويات الأجندة المصرية والعالمية كما يمكن للمنظمات المصرية المشاركة بفاعلية أكبر في المؤتمرات الدولية ذات الصلة، وإصدار تقارير موثقة بلغات متعددة حول تجارب مصر الرائدة، وتأسيس شبكات شراكة مع نظيراتها المؤثرة حول العالم.