دور المنظمات الأهلية في مواجهة التغيرات المناخية
د. سمير طنطاوي
استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة - مندوب أفريقيا بالهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ
مقدمة
تعد التغيرات المناخية من أكثر التحديات البيئية والاجتماعية إلحاحًا في العصر الحديث. إنها تمثل تحولات طبيعية واضطرابات في نمط الطقس والمناخ على مدى فترات طويلة، ولكن في الوقت الحالي، يشهد العالم تسارعًا في هذه التغيرات نتيجة نشاطات الإنسان.
إن الإلمام بمفهوم التغيرات المناخية وأهميتها أمر ضروري للتصدي لهذا التحدي العالمي. يجب على المجتمع الدولي العمل بشكل جاد لتخفيف الانبعاثات وتكييف البيئة والمجتمعات مع التغيرات المناخية. إن التحديات التي تواجهنا تتطلب تعاونا عالمياً وجهوداً مشتركة لضمان استدامة كوكب الأرض وحياتنا المستقبلية.
تشير التغيرات المناخية إلى تغيرات في الأنماط الطبيعية للطقس والمناخ على مر الزمن. تشمل هذه التغيرات ارتفاع درجات الحرارة، وتغيرات في أنماط الأمطار، وتسجيل درجات حرارة غير عادية، وزيادة في تكرار الكوارث البيئية.
تسبب نشاطات الإنسان التغيرات المناخية مثل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من مصادر مثل الطاقة والصناعة والنقل، والتغيرات في استخدام الأراضي، والمخلفات. تزيد هذه الأنشطة من تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي مما يسبب احتباس الحرارة وارتفاع درجاتها
وترجع أهمية فهم ودراسة التغيرات المناخية الي تأثيرها على العديد من القطاعات، منها على سبيل المثال:
- تأثير على البيئة الطبيعية: تؤثر التغيرات المناخية بشكل كبير على البيئة الطبيعية، مما يؤدي إلى تغير في النظم البيئية وتهديد الأنواع المعرضة للانقراض. تشمل هذه التأثيرات ارتفاعات في درجة حرارة الغلاف الجوي، وذوبان الجليد والأنهار الجليدية، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير في أنماط الأمطار.
- تأثير على الصحة البشرية: يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى زيادة انتشار الأمراض المعدية والأمراض المزمنة بسبب تأثيرها على نظم المياه والغذاء، ويزيد ذلك التحديات على النظام الصحي والرعاية الطبية.
- تأثير على الاقتصاد والأمن الغذائي: يمكن أن تسبب التغيرات المناخية تقلبات في الإنتاج الزراعي وزيادة في أسعار الغذاء، ويؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي ويهدد الأمن الغذائي.
- تأثير على المجتمع: تزيد التغيرات المناخية من تكرار الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف والتصحر، مما يترتب عليه فقدان الممتلكات والمأوى وفقدان الأرواح. يمكن أن تؤثر هذه الظروف بشكل خاص على الفقراء والمجتمعات الضعيفة.
التغيرات المناخية وتأثيرها على البيئة والمجتمع
لقد وُصفت قضية المناخ بحق بأنها أكبر تحدي يواجه البشرية حاليًا، إذ أدرك العالم الحاجة الملحة للانتقال لنمط تنموي قابل للاستدامة بعدما تبين أن نمط التنمية المتبع منذ الثورة الصناعية والقائم على السعي المحموم للنمو بأي ثمن ودون تقدير للعواقب قد أفضى للوضع الحالي. لذلك، وإيمانًا بأن العلم بحقائقه وأرقامه يجب أن يكون أساس العمل في هذا المجال لفت نظر كل الأطراف إلى التقرير الأخير الصادر عن "الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ" IPCC وهي أعلى جهة علمية محايدة في مجال تغير المناخ وحاصلة على جائزة نوبل عام 2007 لجهودها في هذا المجال، والذي يعد بمثابة جرس إنذار لإبرازه خطورة الموقف وتأكيده استحالة استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه وتشديده على أن الجهود المبذولة حتى الآن بما في ذلك التعهدات المستقبلية بخفض الانبعاثات تقصُر عن تحقيق هدف وقف ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، وإقراره الواضح بأن إجراءات التكيف أيضًا قاصرة حتى الآن عن تلبية احتياجات الدول والمجتمعات المتضررة، فضلًا عن أن تمويل المناخ لايزال غير منتظم وغير كافٍ.
إن أشد المجتمعات فقرًا هي الأكثر تعرضًا لتأثيرات تغير المناخ. ومن المتوقع أن يرتفع متوسط سطح بحار العالم بما يراوح بين 28 و58 سنتيمترًا، نتيجة ارتفاع درجات حرارة المياه السطحية وتمدد المياه، واتساع المحيطات، وذوبان الأنهار الجليدية، وطبقا لنتائج سيناريوهات المناخ التي أعدتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية ستحدث موجات ارتفاع في درجات الحرارة أكبر، وسيزداد الجفاف سوءًا في بعض المناطق، وستزداد شدة الهطول في مناطق أخرى.
تؤثر التغيرات المناخية على صحة البيئة المحيطة، حيث من المحتمل أن ترتفع وتيرة حدوث الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات وغيرها، والتي قد تهدد سلامة وصحة الإنسان بصورة مباشرة وغير مباشرة، حيث أوضح عدد من الهيئات الدولية أن للتغيرات المناخية آثارًا صحية محتملة على الإنسان، من ضمنها انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل، وعدد من الأمراض المعدية، والأمراض المنتقلة عن طريق تناول الماء، أو الغذاء الملوث، وقد تؤثر في صحة الأشخاص الذين يعانون الأمراض المزمنة كمرضى القلب والربو مثلًا، وتفاقم الحالة الصحية لهم.
يجب اتخاذ إجراءات جادة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتكييف مجتمعاتنا مع تلك التغيرات. تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة يتطلب تعاون دولي وجهود مشتركة لضمان استقرار كوكب الأرض وجودة حياة الأجيال القادمة.
وللتغيرات المناخية تأثيرات كثيرة على العديد من مناحي البيئة، نذكر منها
-ارتفاع درجات الحرارة: تزيد التغيرات المناخية من درجات الحرارة، مما يؤدي إلى ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر. هذا يتسبب في فيضانات ساحلية وفقدان المواقع البيئية الحيوية مثل المستنقعات والشواطئ.
- تغيرات في أنماط الأمطار: يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تغيرات في أنماط الأمطار، مما يسبب جفافًا في بعض المناطق وفيضانات في مناطق أخرى. يؤثر هذا على الموارد المائية والزراعة والحياة البرية.
- زيادة في الحوادث البيئية: تزيد التغيرات المناخية من تكرار الكوارث الطبيعية والاحداث المناخية الجامحة والمتطرفة مثل الأعاصير والعواصف وحرائق الغابات. هذه الحوادث تتسبب في دمار بيئي واقتصادي وخسائر في الأرواح.
- تهديد الأنواع البيئية: تؤثر التغيرات المناخية على الأنواع البيئية وتهدد بانقراض العديد منها حيث تشمل تأثيرات التغيرات المناخية فقدان المواطنة البيئية وتغيير المواطن الطبيعية.
كما أن للتغيرات المناخية تأثيرات على المجتمع نذكر منها:
- تأثير على الصحة البشرية: يمكن أن تسبب التغيرات المناخية في زيادة انتشار الأمراض المعدية والأمراض المزمنة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة تذبذب معدلات سقوط الأمطار، مما يؤدي إلي تأثر الناس بأمراض مثل الحساسية وأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي.
- تأثير على الأمن الغذائي: تؤثر التغيرات المناخية على إنتاج المحاصيل وموارد المياه، مما يؤدي إلى زيادة في أسعار الغذاء وتقلبات في إمداداته، ويؤثر ذلك بشكل كبير على الأمن الغذائي.
- تأثير على الاقتصاد: يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى خسائر اقتصادية هائلة نتيجة للكوارث البيئية وتكاليف للتكيف مع تلك التغيرات، ويؤثر ذلك على النمو الاقتصادي والوظائف.
- تأثير على الهجرة: قد تضطر الناس إلى ترك مناطقهم بحثًا عن أماكن آمنة بسبب تأثيرات التغيرات المناخية، مما يؤدي إلى تزايد مشكلة الهجرة وضغوط على البنية التحتية لاستقبال اللاجئين.
التحديات البيئية
وصل التغير المناخي لمرحلة من الخطورة تهدد التوازن البيئي والأمن الغذائي والتنوع البيولوجي وسبل عيش البشرية؛ ولا يمكن فصل متطلبات الحد من التغير المناخي وحماية كوكب الأرض والنظم الإيكولوجية والموارد، عن تلك الخاصة بالتوازنات الاجتماعية والاقتصادية والمالية لأنها تشكل نظاماً مترابطاً وغير قابل للتجزئة؛ كما أن أكبر المتضررين من آثار التغيرات المناخية من جفاف وفيضانات وتصحر وتراجع الموارد المائية هي البلدان النامية والهشة؛ في حين أن الدول الصناعية هي المسؤولة بشكل كبير عن غازات الاحتباس الحراري المسببة للاحتراز العالمي والتغير المناخي، في حين أن مساهمات بلدان العالم الثالث (النامي) في الغازات المسببة للتغير المناخي تبقى محدودة جدا، ففي القارة الإفريقية لا تتعدى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري نسبة 4 بالمائة.
إن مسؤولية الدول الكبرى في مجال التغير المناخي هي مسؤولية تاريخية، وانطلاقا من مبدئي العدالة المناخية والمسؤولية التاريخية والمتباينة فإن الدول الغنية مطالبة بتحمل مسؤولياتها للتخفيف من أسباب وتداعيات التغير المناخي، كما أن ترسيخ السلام والدعم الاقتصادي والاستقرار السياسي والحد من الهجرات والنزوح أمور لا غنى عنها لتعزيز العمل المناخي الفعال. وتجدر الإشارة إلى أن هناك ارتباطا بين العمل المناخي الفعال وبين مجتمعات تحترم الحقوق البيئية والاقتصادية والاجتماعية لعموم مواطنيها.
إن استعراض التحديات البيئية التي تواجه العالم نتيجة للتغيرات المناخية يكشف عن تأثيرات واسعة النطاق تمتد إلى البيئة والمجتمع. أحد أبرز هذه التحديات هو الارتفاع في درجات الحرارة. تزايد التكرار وشدة الكوارث البيئية هو تحد آخر، مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، وهذا يؤثر على البنية التحتية والموارد الطبيعية ويتسبب في خسائر بشرية واقتصادية هائلة. لا تقتصر هذه التحديات على البيئة فحسب، بل تؤثر أيضًا على الاقتصاد والمجتمع والصحة والأمن. ويمكن أن تشمل التحديات البيئية ما يلي:
· تأثير على الحياة البحرية: التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على البيئة البحرية فارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى لجوء الكائنات البحرية إلى أعماق أكبر مما يؤثر على الصيد والثروة السمكية. يزيد ارتفاع درجات الحرارة أيضًا من انتشار أمراض وابياضا الشعاب المرجانية.
· تأثير على التنوع البيولوجي: يتسبب ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار في انقراض الكثير من الأنواع البيئية. وتشمل تأثيرات التغيرات المناخية تهديد النباتات والحيوانات البرية والزراعة المستدامة.
· تأثير على الهجرة والأمان الدولي: تزيد التغيرات المناخية من عدد النازحين البيئيين الذين يضطرون لترك منازلهم بحثًا عن مناطق آمنة. يزيد هذا من الضغوط على النظام الدولي ويمكن أن يؤدي إلى صراعات وتوترات.
· تأثير على الطاقة والبنية التحتية: تسبب التغيرات المناخية في تكاليف هائلة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة من الكوارث البيئية.
· تأثير على القطاع الصناعي: يجب أن نذكر أن تغير المناخ يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على موارد طبيعية مثل الزراعة والصناعات. تلك الصناعات تجد نفسها تواجه تحديات كبيرة في تأمين المواد الخام والإنتاج المستدام.
اجتمعت هذه التحديات تحت لواء التغيرات المناخية تجمع بين البيئة والمجتمع والاقتصاد، وهو يشكل تحديًا حقيقيًا للعالم. يجب على المجتمع الدولي أن يعمل معًا لتبني استراتيجيات مشتركة لمواجهة هذه التحديات والعمل على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتكييف البيئة والمجتمعات مع هذه التغيرات.
مبادرات وأنشطة المنظمات الأهلية
المبادرات والأنشطة التي تقوم بها المنظمات الأهلية لمواجهة التغيرات المناخية
يشير مفهوم المجتمع المدني إلى مجموعة المنظمات الأهلية التي تقوم عضويتها على أساس اختياري وطوعي ولا تهدف إلى الربح، والتي تمارس نشاطها في القضايا المتعلقة بالشأن العام، وذلك من خلال الدفاع عن مصالح أعضائها، أو القيام بأعمال الخير والإغاثة، أو بأنشطة تنموية وحقوقية ودفاعية، وتسعى أيضًا إلى التأثير على السياسات العامة من خلال الترويج لأفكارها وقيمها والدفاع عن حقوق الأفراد
تمثل أهم مكونات المجتمع المدني في: التنظيمات والنقابات المهنية، والاتحادات والنقابات العمالية والفلاحية، والاتحادات الطلابية، والمنظمات الأهلية، والنوادي الاجتماعية والرياضية ومراكز الشباب، إضافة إلى أجهزة الإعلام ومراكز البحوث غير المملوكة للدولة. يتمتع المجتمع المدني يتمتع بست سمات رئيسة هي الطابع الاختياري أو الطوعي للعضوية، والمنفعة العامة، والتعددية، والطابع الشعبي القاعدي، والاستقلال، والبُعد الأخلاقي.
إن المجتمع المدني يمثِّل قوة مادية ومعنوية لا يُستهان بها، وهو تعبير عن مبادرات الأفراد وفعالياتهم لتحقيق الصالح العام، وتتداخل أنشطته مع القطاعين الحكومي والخاص، ولذلك يُطلق عليه -أحيانًا- "القطاع الثالث"
تلعب المنظمات الأهلية دورًا بارزًا وحيويًا في جهود مواجهة التغيرات المناخية على الصعيدين المحلي والعالمي. تقوم هذه المنظمات بتنفيذ مجموعة واسعة من المبادرات والأنشطة التي تستند إلى مفاهيم الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
تعود جذور المجتمع المدني في مصر إلى سنوات طويلة خلت، تعرضت فيها هيئاته إلى تقلبات ارتبطت بتطور النظام السياسي، مثل الانتقال من تعدد الأحزاب (1923 - 1953) إلى التنظيم السياسي الواحد (1954 - 1976)، ثم التعددية الحزبية المقيدة (1977 - 2011)، ثم التعددية الحُرة في السنوات التالية. وكان لكُلٍّ من هذه المراحل تأثيراتها على القانون المُنظم للعمل الأهلي في مصر ودور المنظمات الأهلية
يوجد بمصر أكثر من 30 ألف منظمة أهلية ما بين مؤسسات وجمعيات أهلية ونقابات ومراكز رعاية وتعليم لها دور في العمل المناخي بشكل مباشر او غير مباشر، والمشاركة في خطط التكيف والتخفيف من تغير المناخ، وتعمل جاهدة على تحقيق العدالة المناخية حيث تركز منهجية عمل كثير من تلك المنظمات على حقوق الإنسان وتسليط الضوء على نقاط ضعف المجتمعات المهمشة التي تُعانى التلوث البيئي.
تقدم وزارة البيئة المصرية من خلال وحدة المنظمات الأهلية بالوزارة الدعم الفني من خلال الخبراء في كل المجالات البيئية والدعم اللوجيستي والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والحرص على تعزيز دور المجتمع المدني في صون الموارد الطبيعية ومواجهة آثار تغير المناخ وتحفيز العمل الجماعي وضرورة مشاركة كل الأطراف لدفع أجندة العمل المناخي.
أحد أهم الأنشطة هو التوعية والتثقيف بشأن التغيرات المناخية، حيث تقوم المنظمات بإطلاق حملات توعية وورش عمل ومؤتمرات تثقيفية لزيادة الوعي بين الجمهور. تشمل هذه الأنشطة توجيه الناس حول كيفية تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتبني أسلوب حياة مستدام.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل الأنشطة أيضًا تنفيذ مشاريع مستدامة، مثل زراعة الأشجار، والتنظيفات البيئية، وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية. هذه المشاريع تساهم في تقليل الآثار السلبية لتغير المناخ وتعزز من استدامة الموارد الطبيعية. المنظمات الأهلية تعمل أيضًا على التشجيع على استخدام التكنولوجيا البيئية والممارسات الاقتصادية المستدامة. يمكن أن تشمل هذه الأنشطة تقديم الاستشارات والدعم للأفراد والشركات للانتقال إلى ممارسات أكثر صداقة للبيئة واستدامة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز المنظمات الأهلية من التعاون والشراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الجهود المشتركة لمواجهة التغيرات المناخية. تشمل هذه الشراكات تطوير مشاريع مشتركة ومبادرات للحفاظ على البيئة.
ويمثل نموذج منحة ناصر للقيادة الدولية الدور القيادي لمصر في إفريقيا خاصة أنها تضم قيادات شبابية يمثلون دولا مختلفة من أنحاء العالم يصل عددهم لأكثر من 150 شابا وفتاة لتوحيد الرؤى البيئية باعتبار أن الجميع شركاء في مسئولية تغير المناخ. كما تم منح تمويل تنموي في إطار الشراكة المصرية الأوروبية من أجل التنسيق مع منظمات المجتمع المدني في قطاعات البيئة وتغير المناخ، وهي شراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي لتحسين حياة المواطن في الريف والحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال حزمة من الحوافز لتقوية شبكة المجتمع المدني وإشراكه في الاقتصاد الأخضر وعرض أفكار وطموحات الشباب، كما تم توقيع عدد من المنح التمويلية مع الاتحاد الأوروبي قُدرت بحوالي 24 مليون يورو للتنمية الريفية المُتكاملة.
وحول الاهتمام بتفعيل دور المرأة كانت مبادرة حركات نساء من أجل المناخ ، والتي تهدف إلى نشر الفكر والوعى البيئي للمرأة من خلال ندوات لتدريبهن على كيفية توفير الطاقة والمياه، وكذلك حركة شباب من أجل المناخ التي خرج من رحمها تشكيل لجنة من المحامين الشباب وقدموا فكرة قانون الحياد الكربوني، وقد تعاونت المبادرة مع الاتحاد الإفريقي للجامعات وهو اتحاد يضم 500 جامعة لعدد 52 دولة إفريقية، حيث تولت المبادرة تدريب 700 شاب إفريقي بالتعاون مع كلية الدراسات البيئية بجامعة عين شمس كسفراء للمناخ، حيث تم تدريب 3 دُفعات باللغة الإنجليزية و6 دُفعات باللغة العربية. كما أسست المبادرة الاتحاد النوعي للمناخ بهدف دعم المنظمات الأهلية في نشر الفكر البيئي من خلال شبكة تضم 40 منظمة، وهو مُشهر باسم اتحاد المنظمات الأهلية للمناخ.
أمثلة على المنظمات الأهلية التي تعمل على مواجهة التغيرات المناخية
إن عدد الجمعيات الأهلية التي تعمل في مواجهة التغيرات المناخية، يبلغ 244 منظمة، فيما بلغ حجم الاستثمارات التي وضعتها المنظمات الأهلية في هذا المجال، حوالي 3 مليارات و290 مليون جنيه، بينها 59% من المشروعات للتخفيف من أثار التغيرات المناخية، و29% منها للتكيف مع البيئة، والنسبة المتبقية تجمع بين المجالين.
تعمل العديد من المنظمات الأهلية في مصر بجد على مواجهة التغيرات المناخية وتحسين الاستدامة البيئية في البلاد. نذكر منها على سبيل المثال:
· مؤسسة مصر الخير: وتعتبر من أكبر مؤسسات العمل الطوعي والخيري في مصر والمنطقة العربية وأفريقيا، وهي مؤسسة غير هادفة للربح، ولها دور بارز في العمل المناخي على المستوي الوطني والإقليمي من خلال حملة "مناخ مستدام" التي تحمل شعار "منظمات أهلية فاعلة في قضايا المناخ" وذلك من خلال تنفيذ عدة أنشطة مع المنظمات الأهلية والعاملين بالعمل الأهلي، يأتي تفصيل لجهودها لاحقا
· مؤسسة كير مصر: تهدف إلى إعطاء جميع الناس فرصة متساوية للنمو والتعبير والتعلم والمساهمة في النمو التنظيمي والتغيير المجتمعي بغض النظر عن أي عوامل (مثل الدين والعمر والجنس والعرق والمستوى الإداري). بالإضافة إلى ضمان الشفافية في جميع السياسات والعمليات التي يتم تنفيذها، ساهمت كير مصر في العديد من الأنشطة الخاصة برفع الوعي تجاه قضية التغيرات المناخية وخاصة حقوق النوع الاجتماعي وتأثر النساء والفتيات بالتغيرات المناخية، كما تقوم بتنفيذ واحد من المشروعات الهامة في مجال تغير المناخ وهو مشروع زراعة ذكية مناخيا من أجل الحياة في محافظات الصعيد والذي يهدف إلى دعم مشاركة المجتمع المدني والشباب في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره في مصر
· الشبكة العربية للجمعيات الأهلية: وتهدف إلي تمكين المجتمع المدني العربي من القيام بدوره في إجراءات التكيف والتخفيف بالشراكة مع المواطن والحكومة والقطاع الخاص، وذلك عبر توفير المعرفة العلمية الصحيحة والمبسطة في الوقت نفسه حول تغير المناخ وتداعياته، وتيسير فرص الشراكة والتعاون والتنسيق بين جميع الأطراف التنموية من جانب، وبينهم وبين خبراء المناخ والجماعة العلمية من جانب آخر، أيضا تزويد المنظمات الأهلية وكوادرها التنموية بالأدوات والآليات والكفاءات التي تمكنهم من بلورة خطط عمل تنموية تراعي البعد المناخي وتأثيره على المجتمعات المحلية والفئات الأكثر عرضة للخطر
· المكتب العربي للشباب والبيئة: ويهدف إلي رفع مستوى الوعي البيئي المجتمعي لدى الطلاب والشباب بصفة خاصة في مختلف المواقع والعمل على زيادة المشاركة الجماهيرية في حماية وتنمية البيئة من خلال: مشروعات التشجير، مشروعات الحد من التلوث في الهواء والمياه والتربة، مشروعات تنمية الموارد البيئية وحماية النادر منها في مجال المحميات الطبيعية وزيادة المساحات الخضراء، مشروعات نشر وتعميم استخدام التكنولوجيا النظيفة في مجالات الطاقة والتنمية الصناعية والسياحية وغيرها
· الشبكة المصرية للبيئة والمناخ: والتي تقوم بتنظيم من المتخصصين في مجال الإعلام البيئي، كان وفق فكرة التعريف بمنظومة إعلامية متكاملة لمخاطبة الداخل والخارج للتعريف بدور البيئة والمناخ، وهم مجموعة من النشطاء البيئيين لديهم إصدار لموقع بوابة الكترونية بيئية موجهة لتعليم جيل جديد من الصحفيين البيئيين الذين تم اختيارهم من خلال مسابقة، بجانب لجنة تهتم بشئون الطفل بهدف توعيتهم، وقامت الشبكة بتنظيم معسكر بالفيوم استوعب 25 طفلا، كذلك أطلقت مسابقة أطفال من أجل المناخ وهى أول مسابقة في التكنولوجيا البيئية خاصة بالطفل
· جمعية جرينش: تهدف إلى رفع الوعي لدى المواطنين بالقضايا البيئية وخطورة الاعتماد على البلاستيك أحادي الاستخدام، وأهمية العيش بنظام حياة مستدام، من خلال التواصل مع الشباب عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتواجد على أرض الواقع من خلال نوادي جرينش التعليمية التي يشترك فيها نحو 1200 طالب وتقديم مشاريع تقدم حلولا بيئية في إطار مسابقات.
· جمعية المحافظة على البيئة_ هيبكا بالبحر الأحمر: وتهدف الي الحفاظ على البيئة من الملوثات، خاصة البيئة البحرية، كما تساهم في جهود رفع الوعي للسكان المحليين بموضوعات التكيف مع التغيرات المناخية.
· جمعية شباب مصر للتنمية والبيئة: والتي تهدف إلى رفع وعي شباب الجامعات، لذلك عقدت الجمعية من خلال بروتوكول تعاون مع منظمة اليونسكو عدة ندوات ومن خلال معسكرات الشباب بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي للتشجير، فضلاً عن عقد معسكرات للشباب لنشر فكر التخلص الآمن من المخلفات الالكترونية والتعريف بمخاطرها.
· المبادرة المصرية للمرأة الافريقية: وتهدف إلى ابراز دور المجتمع المدني في المشاركة مع المجلس القومي للمرأة في اعداد المبادرة. والتأكيد على ان التنمية المستدامة لن تتم بقيام مؤسسة واحدة بجميع الانشطة والمسؤوليات في اي قضية ما ولكن النجاح والتنمية الحقيقية بالمشاركة الواعية والفاعلة ما بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص وايضا المجتمع الدولي.
تجسد هذه المنظمات الأهلية والمبادرات الجهود المستمرة للمجتمع المصري في مواجهة التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. تعمل هذه المنظمات بشكل فعّال على تعزيز الوعي وتوجيه الجهود نحو الحفاظ على البيئة والمساهمة في تحسين الجودة البيئية في مصر.
جهود مؤسسة مصر الخير في العمل التنموي والمناخي
أنشئت مؤسسة مصر الخير عام 2007 بالاستناد علي هيكل مؤسسي لا يعتمد على الأشخاص بل على العمل المؤسسي، حيث تعمل بأحدث منهجيات العمل المؤسسي التنموي الاحترافي من أجل تنمية الإنسان في خمسة مجالات أساسية (التعليم والصحة والتكافل الاجتماعي والبحث العلمي ومناحي الحياة) تحت مظلة واحدة هي مؤسسة مصر الخير.
وتعتبر مؤسسة مصر الخير مؤسسة أهلية غير هادفة للربح مشهرة تحت رقم 555 لعام 2007 طبقا لأحكام القانون رقم 84 لسنة 2002 وتهدف إلى خدمة وتطوير وتمكين المجتمع المصري من أجل العودة للحياة الكريمة في جميع ربوع مصر.
ليس لمؤسسة مصر الخير أي توجه سياسي أو ديني أو حزبي، وتستقبل أموال الزكاة والصدقات والتبرعات، حيث تقوم بصرف أموال الزكاة في مصارفها الشرعية. وتستثمر مؤسسة مصر الخير أموال الصدقات للحصول على عائد يتم إنفاقه على المشاريع التنموية.
تعتبر مؤسسة مصر الخير نموذجًا للجهود الشاملة في مصر لمكافحة التغيرات المناخية وتعزيز الاستدامة. تعمل هذه المؤسسة بشكل مستمر على تحفيز التعاون والمشاركة بين مختلف الأطراف لضمان تنفيذ الأنشطة البيئية بفعالية وتحقيق النتائج الملموسة.
دشن برنامج تطوير الجمعيات الأهلية بمؤسسة مصر الخير حملة لتوعية العاملين بالعمل الأهلي المحلي والعربي بمخاطر التغيرات المناخية خلال عام 2022، ودورهم في مواجهة تلك التغيرات تحت عنوان حملة "مناخ مستدام"، وذلك برعاية كل من (وزارة التضامن الاجتماعي - وزارة البيئة والمبادرة الرئاسية "إتحضر للأخضر" - معهد التخطيط القومي - المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة - الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية - برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP - الشبكة العربية للمنظمات الأهلية)
يأتي ذلك في ضوء إعلان الدولة المصرية عام 2022 عام المجتمع المدني تقديراً للدور الكبير الذي يقوم به المجتمع المدني في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 واستعداداً لاستقبال مصر مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 27) والذي عقد في مدينة شرم الشيخ. تأتي هذه الحملة إيماناً من مؤسسة مصر الخير بأن القطاع الأهلي هو أحد أضلاع مثلث عملية التنمية بالشراكة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص، كما أن الحملة تعد حملة تنموية إقليمية حول التوعية بقضية التغيرات المناخية ودور العاملين بالعمل الأهلي في الحد من تلك التغيرات، وقد تم إطلاقها من قبل منصة تنموي 2030 التابعة لبرنامج تطوير الجمعيات الأهلية بمؤسسة مصر الخير.
شهدت حملة "مناخ مستدام" تحمل شعار "منظمات أهلية فاعلة في قضايا المناخ" تنفيذ عدة أنشطة مع المنظمات الأهلية والعاملين بالعمل الأهلي متمثلة في:
· إطلاق جائزة مصر الخير لريادة العطاء الخيري والتنموي المستدام - الدورة الرابعة، وقد أطلقتها العام الأول في مجال التعليم ثم الفقر ثم الصحة، ومؤخرا القضاء على الجوع
· تنظيم عدد من الموائد المستديرة للخبراء وممثلي المنظمات الأهلية حول دور منظمات العمل الأهلي في تحقيق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030 والمعني بالعمل المناخي.
· تنظيم جلسات لرواق رؤية مصر 2030 التي تهدف للتوعية بمخاطر التغيرات المناخية وكيفية التخفيف من هذه المخاطر والتكيف معها.
· رفع الوعي بقضية المناخ لممثلي عدد 5500 منظمة أهلية في كيفية مواجهة التغيرات المناخية.
· رصد ممارسات منظمات العمل الأهلي في مجال مواجهة التغيرات المناخية على مستوى القطر المصري.
· تنفيذ عدد من البرامج الإقليمية للتبادل التنموي شاملة التغيرات المناخية، ومنها
1. البرنامج التدريبي الإقليمي: إعداد أخصائي التطوير المؤسسي المستدام للمنظمات الأهلية.
2. البرنامج التدريبي الإقليمي: زمالة مصر الخير "لممارس التنمية المحلية المستدامة"
3. البرنامج التدريبي الإقليمي: احتراف إدارة وتصميم المشاريع التنموية
التأثير والنتائج
تلعب المنظمات الأهلية دورًا حيويًا في مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة في مصر من خلال مجموعة من الأمثلة والأدلة التي توضح تأثيرها الإيجابي على هذه القضايا:
· زراعة الأشجار والمساحات الخضراء: تنظم المنظمات الأهلية حملات زراعة الأشجار وتحسين المساحات الخضراء في المدن المصرية. يساهم ذلك في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحسين جودة الهواء في المناطق الحضرية.
· مشاريع الطاقة المتجددة: تدعم المنظمات الأهلية مشاريع توليد الطاقة من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح. يعزز ذلك من استدامة مصادر الطاقة ويقلل من اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري.
· التوعية والتثقيف: تنظم المنظمات الأهلية حملات توعية وورش عمل لتعزيز الوعي بشأن التغيرات المناخية وأهمية الحفاظ على البيئة. يتم توجيه هذه الحملات للشباب والمجتمع المحلي، مما يساهم في تغيير السلوكيات نحو الاستدامة.
· البحث والتقارير: تعمل بعض المنظمات الأهلية على إجراء الأبحاث ونشر التقارير التي تستند إلى البيانات العلمية حول تأثيرات التغيرات المناخية في مصر. يمكن استخدام هذه الأبحاث في صنع القرارات ووضع سياسات بيئية فعّالة.
· المشاركة في المفاوضات الدولية: بعض المنظمات الأهلية تشارك بنشاط في المفاوضات الدولية حول التغيرات المناخية وتمثل مصر في هذه الجهود العالمية. يساهم ذلك في تحقيق توازن بين المصالح الوطنية والعالمية.
· التنظيفات والحملات البيئية: تنظم المنظمات الأهلية حملات تنظيف وجمع القمامة في المناطق المختلفة من مصر. هذه الحملات تشجع على الوعي بضرورة الحفاظ على البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية.
إن تلك الأمثلة توضح أن المنظمات الأهلية لها تأثير ملموس على مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة في مصر. يشجع دورها على التعاون المشترك بين الحكومة والمجتمع المدني لتحقيق أهداف مستدامة وضمان استدامة الموارد البيئية للأجيال الحالية والمستقبلية.
التعاون مع الحكومة والقطاع الخاص
يمكن أن يمثل التعاون بين المنظمات الأهلية والجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص أداة فعالة لتحقيق أهداف مكافحة التغيرات المناخية. ويمكن تحقيق هذا التناغم والتعاون من خلال عدد من الآليات نذكر منها:
· الشراكات في تنفيذ المشاريع: يمكن للمنظمات الأهلية والجهات الحكومية والشركات العمل معًا على تنفيذ مشاريع بيئية مشتركة. على سبيل المثال، يمكن تنفيذ مشروعات توليد الطاقة الشمسية في مشروعات تعاون بين الجميع لتحقيق الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
· التمويل المشترك: يمكن للشركات تقديم تمويل لمشاريع بيئية تنفذها المنظمات الأهلية أو الجهات الحكومية. هذا التعاون يمكن أن يسهم في تمويل مشاريع كبيرة ومكلفة لمكافحة التغيرات المناخية.
· الدعم التقني: يمكن للشركات توفير الدعم التقني والخبرة في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة وتقنيات الحفاظ على البيئة. يمكن أن يساعد ذلك في تنفيذ مشاريع فعالة ومبتكرة.
· الضغط على صناعة الأعمال: المنظمات الأهلية يمكنها أن تلعب دورًا مهمًا في تشجيع الشركات على تبني ممارسات أكثر استدامة. من خلال الحملات والضغوط العامة، يمكن للمنظمات الأهلية دفع الشركات نحو قياسات البصمة الكربونية للمنتجات وتخفيضها لتحقيق التنمية المستدامة.
· المشاركة في صياغة السياسات: يمكن للمنظمات الأهلية المشاركة في صياغة السياسات الحكومية المتعلقة بالبيئة والتغيرات المناخية. يمكن للمعرفة والخبرة التي تتوفر لديها أن تسهم في تطوير إطار قانوني وسياسي فعّال.
· التوعية والتثقيف: يمكن أن تلعب المنظمات الأهلية دورًا رئيسيًا في زيادة الوعي بشأن التغيرات المناخية وأهميتها بين الشركات والجهات الحكومية والمجتمع. كما يمكن أن تقدم ورش عمل ومواد توعية لتشجيع التحول نحو الاستدامة.
هذه الأمثلة توضح كيف يمكن للمنظمات الأهلية أن تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق أهداف مكافحة التغيرات المناخية من خلال التعاون مع الجهات الحكومية والشركات. يتطلب تحقيق التوازن بين المصالح البيئية والاقتصادية التعاون المستدام بين مختلف الأطراف لضمان الاستدامة والحفاظ على كوكب الأرض.
التحديات والاحتياجات
على الرغم من أن المنظمات الأهلية تلعب دورًا أساسيًا في مجال مواجهة التغيرات المناخية، إلا أنها تواجه العديد من التحديات التي تقف أمامها وتجعل عملها أكثر صعوبة. ونذكر من ضمن تلك التحديات ما يلي:
· تمويل الأنشطة البيئية: إحدى أكبر التحديات التي تواجه المنظمات الأهلية هي الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع مكافحة التغيرات المناخية. العمليات البيروقراطية والمتطلبات المالية العالية يمكن أن تجعل من الصعب الحصول على التمويل.
· توافر الموارد البشرية: تجد المنظمات الأهلية صعوبة في جذب والاحتفاظ بالموظفين والمتطوعين المؤهلين وذوي الخبرة في مجال مكافحة التغيرات المناخية. يتطلب العمل في هذا المجال فهمًا عميقًا للقضايا البيئية والمعرفة بالحلول المستدامة.
· الضغط السياسي والقوانين: تواجه المنظمات الأهلية - في بعض الأحيان - تحديات من الجهات الحكومية أو السياسيين الذين يمكن أن يكونوا غير متعاونين أو يعرقلون جهودها في مجال مكافحة التغيرات المناخية.
· تأمين البيانات والأبحاث: تواجه المنظمات الأهلية صعوبة في جمع البيانات والأبحاث اللازمة لفهم تأثيرات التغيرات المناخية على البيئة والمجتمع. يتطلب هذا تكاليف وجهود كبيرة.
· التعاون والتنسيق: يجب على المنظمات الأهلية التعاون مع الجهات الحكومية والشركات لتحقيق تأثير حقيقي. يمكن أن يمثل تنسيق هذا التعاون والمحافظة على مصالح الجميع تحديًا.
· الوعي والتثقيف: تحتاج المنظمات الأهلية إلى توعية الجمهور بأهمية التغيرات المناخية والدور الذي يمكن للأفراد أن يلعبوه. يمكن أن تمثل زيادة الوعي وتغيير السلوكيات أمرًا صعبًا ويستغرق وقتًا طويلاً.
تجمع هذه التحديات على أهمية متواصلة لدعم وتمويل المنظمات الأهلية وتقدير جهودها في مكافحة التغيرات المناخية. تواجه الحكومات والشركات الكبرى والمجتمع الدولي هذه التحديات أيضًا، ولذا يجب تعزيز التعاون والشراكات للتصدي لتحديات مكافحة التغيرات المناخية بفعالية.
الاحتياجات المستقبلية لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في العمل المناخي
لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في مجال مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة في المستقبل، هناك العديد من الاحتياجات الأساسية التي يجب تلبيتها، وتشمل على سبيل المثال:
· تمويل مستدام: تحتاج المنظمات الأهلية إلى مصادر تمويل مستدامة تسمح لها بتنفيذ مشاريع وبرامج طويلة الأمد. ينبغي أن يشمل ذلك تمويل من الحكومات والشركات بالإضافة إلى تبرعات الأفراد والمنظمات الدولية.
· توافر التكنولوجيا والبيانات: يجب أن تكون لدى المنظمات الأهلية الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة وقواعد البيانات لجمع وتحليل البيانات البيئية والمعلومات العلمية. يمكنها ذلك من تقديم حلول فعالة ودقيقة لمشكلات التغيرات المناخية.
· بنية تحتية: تحتاج المنظمات الأهلية إلى بنية تحتية قوية تمكنها من تنظيم الأنشطة والمشاريع بشكل فعّال. يشمل ذلك أمورًا مثل المكاتب والمعدات والموظفين المؤهلين.
· تدريب وتطوير المهارات: يجب أن تستثمر المنظمات الأهلية في تدريب وتطوير مهارات موظفيها ومتطوعيها لضمان توافر المعرفة والخبرة اللازمة لديهم للعمل في مجال البيئة عموما ومكافحة التغيرات المناخية تحديدا.
· شبكات وشراكات: يجب أن تعزز المنظمات الأهلية من شبكاتها وعلاقاتها مع الجهات الحكومية والشركات والمنظمات الدولية حتي يمكنها ذلك من تحقيق التعاون وتبادل المعرفة والموارد.
· المساءلة والشفافية: ينبغي على المنظمات الأهلية أن تتبنى مبادئ المساءلة والشفافية في إدارة أعمالها، حيث يجب أن يكون لديها نظام لتقديم التقارير والحسابات للجمهور وللجهات المانحة.
· توجيه الجهود: ينبغي أن تكون المنظمات الأهلية قادرة على تحديد الأولويات وتوجيه جهودها نحو المشاريع والبرامج التي تحمل أكبر تأثير في مجال مكافحة التغيرات المناخية.
تلك الاحتياجات تشكل جزءًا من الجهود المستدامة لتعزيز دور المنظمات الأهلية في مجال مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة. بمساعدة الحكومات والشركات والمجتمع الدولي، يمكن توفير الدعم اللازم لتمكين هذه المنظمات من تحقيق تأثير إيجابي ومستدام على البيئة والمجتمع.
